مدن وقرى  القدس

   

القدس أو بيت المقدس هي أكبر مدن فلسطين التاريخية. تسمى المدينة في الترجمة العربية للنصوص القديمة من الإنجيل والـتوراة باسم أورشليم، وهو الاسم الذي اطلقه عليها اليبوسيون الذين اسسوا المدينة باسم أور سالم أي مدينة سالم وهو اسم ملكهم.

تعتبر مدينة القدس مدينة مقدسة لكل من المسيحيين والمسلمين واليهود حيث فيها كنيسة القيامة التي تحوي قبر يسوع المسيح الذي قام منه بعد صلبه حسب الإنجيل، وهي للمسلمين اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة ومنها أسريٍَّ بالنبي إلى السماء. وهي للـيهود المركز الملكي والديني لمملكة يهوذا التاريخية حيث أقيم فيها أو بجوارها هيكل سليمان مركز العبادة اليهودية.

كانت أول نشأة للقدس قبل حوالي خمسة الآف عام حينما استوطنها اليبوسييون المنحدرين من أصل كنعاني. ورد اسم المدينة في سجلات الفراعنة كـ"أشمام" أو "رشلمم"، وفي رسائل تل العمارنة المكتوبة باللغة الأكدية كـ"أروسليما". وحسب المكتوب في التوراة كانت تسمى في ذلك الحين "يبوس" نسبة إلى الشعب الذي سكنها. ازدهرت المدينة في عهد ملكي صادق وهو أحد ملوكهم خلال فترة بعثة ابراهيم. من المحتمل أنه كان في المدينة في ذلك الحين معبدا للإله الكنعاني "شاليم". احتل الملك داود المدينة نحو 1000 ق.م وجعل منها عاصمة لمملكته، من بعده بنى فيها سليمان هيكله الشهير واصبحت تسمى بالمدينة المقدسة في عام 975 ق.م. بعد وفاة سليمان عام 970 ق.م انقسمت المملكة إلى قسمين شمالي وجتوبي وذلك بعد تمرد الأسباط العبرية الشمالية بسبط يهوذا الجنوبي الذي كان بيت داود ينتمي إليه. سمي القسم الجنوبي بـمملكة يهوذا وعاصمتها القدس بقيادة رحبعام. وسمي القسم الشمالي بمملكة اسرائيل أو "مملكة إفرايم" (نسبة إلى أكبر سبط فيها) وعاصمتها السامرة (نابلس) بقيادة يربعام. دمّرها الرومان بقيادة تيتوس عام 70م ثم اعيد بنائها في عهد الامبراطور هادريانس واطلق عليها اسم ايليا كابيتولينا عام 135م. احرقها الفرس عام 614 واحتلها/فتحها المسلمون عام 638 في عصر الخليفة عمر بن الخطاب حيث استلم مفاتيحها من بطريركها صفرونيوس واسماها العرب بيت المقدس. احتلها الصليبيون عام 1099 واسترجعها المسلمون بقيادة صلاح الدين الايوبي بعد معركة حطين عام 1187.

من القرن الـ15 وحتى بداية القرن الـ20 خضعت القدس لسيطرة العثمانيين الأتراك. وفي بداية القرن الـ15 قام السلطان العثماني بترميم المدينة وإعادة بناء سورها الذي لا يزال يحيط البلدة القديمة. في نهاية القرن الـ19 عانت المدينة من الازدحام فبدأ سكانها في البناء خارج أسوارها واستحداث احياء جديدة. في 1917، ضمن الحرب العالمية الأولى، احتلت القوات البريطانية المدينة من العثمانيين، وبعد قيام الانتداب البريطاني، جعلوها عاصمة لحكم الانتداب.

في الأيام الأخيرة لفترة الانتداب ازداد التوتر بين السكان العرب واليهود. وعندما أحيلت قضية فلسطين للأمم المتحدة ، اقترحت لجنة الأمم المتحدة الخاصة UNSCOP تقسيم فلسطين واعتبار القدس وبيت لحم مدينتين ذوتي أهمية دولية خاصة واقترحت جعلهما "منطقة منفردة" (corpus separandum) خاضعة لإدارة دولية. وفي الحرب التي اندلعت عام 1948 صارت المدينة ساحة لبعض المعارك العنيفة. انتهت الحرب باستيلاء الجيش الأردني على البلدة القديمة وباقي الأحياء الشرقية بعد معركة باب الواد، حيث تم الاستيلاء على الأحياء الغربية بمعظمها من قبل الإسرائيليين. في 1949 أعلنت الحكومة الإسرائيلية القسم الغربي للقدس عاصمة الدولة وقررت نقل مقر الرئاسة، البرلمان، المحكمة العليا والوزارات إليه. واعتبرت الأمم المتحدة احتلال إسرائيل للقسم الغربي من القدس غير شرعياً. في نفس الوقت أعلن الأردن ضم القدس إلى المملكة مع باقي الضفة الغربية بعد مؤتمر اريحا. وفي عام 1967 صارت المدينة مجددا ساحة لحرب وفي خلالها احتلت إسرائيل القسم الشرقي والبلدة القديمة من القوات الأردنية. في ذلك العام عزلت إسرائيل القسم الشرقي للقدس وبعض القرى بجواره عن الضفة الغربية وأعلنت ضمها إلى أراضيها. وهو إعلان غير معترف به من قبل أغلبية دول العالم. وكانت جميع الدول التي لها علاقات بإسرائيل قد أقامت سفاراتها في تل أبيب أو رمات غان لعدم اعترافها بالسيادة الإسرائيلية على المدينة. القنصليات الأجنبية في القدس ليست تابعة للسفارات في تل أبيب بل أنها خاضعة مباشرة لدولها.

وفور احتلالها للمدينة ركزت إسرائيل من نشاطها الاستيطاني بها لتحويل التوازن السكاني لمصلحة اليهود. ويسكن بالقدس العربية وحولها الآن حوالي 190 ألف مستوطن يهودي غير شرعي بالإضافة لسكانها الفلسطينيين الذين يبلغون 210 ألف نسمة.

واعتبر مصير قضية القدس أحد القضايا التي سيتم بحثها في مفاوضات الوضع النهائي طبقاً لإتفاق إعلان المبادئ (أوسلو 1). ولم تطرح هذه القضة للنقاش إلا في قمة كامب ديفيد 2000 وكانت احد اسباب فشلها ، لعدم الوصول لإتفاق حول مصير القدس.